وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، وأعانك الله على فِعْل الخير .
هذا ليس له حُكم العبادات الجماعية ، إلاّ أنه يُخشَى أن يدخل في الرياء والـتَّصنُّع ، خاصة وأن المنتدى يخصّ أبناء قرية واحدة ، والغالب أنهم يتعارِفون ، فيعرِف بعضهم بعضا .
والأفضل في النوافل أن تُخفَى ، ولا يُسْتَعَلن بها .
قال عليه الصلاة والسلام : أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة . رواه البخاري ومسلم.
ورواه أبو داود بلفظ : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة .
وقال صلى الله عليه وسلم : فضل صلاة الرجل في بيته على صلاته حيث يراه الناس ، كَفَضْل المكتوبة على النافلة . رواه الطبراني في الكبير ، والبيهقي ، وقال المنذري : إسناده جيّد ، وهو في صحيح الترغيب .
وحذّر النبي صلى الله عليه وسلم مِن الرياء .
قال عليه الصلاة والسلام : مَن سَمَّع سَمَّع الله به ، ومَن رَاءَى رَاءَى الله بِه . رواه البخاري ومسلم .
قال العِزّ بنُ عبدِ السَّلام : الرِّياء أن يَعْمَل لِغَيْر الله ، والسُّمْعَة أن يُخْفِي عَمَلَه لله ، ثم يُحَدِّث بِه الناس .
قال القرطبي :
وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة ، وأصله طلب الْمَنْزِلة في قلوب الناس .
وأولها : تحسين السمت ، وهو من أجزاء النبوة ، ويريد بذلك الجاه والثناء .
وثانيها : الرياء بالثياب القصار والخشنة ، ليأخذ بذلك هيأة الزهد في الدنيا.
وثالثها : الرياء بالقول ، بإظهار التسخّط على أهل الدنيا ، وإظهار الوعظ والتأسّف على ما يَفوت من الخير والطاعة .
ورابعها : الرياء بإظهار الصلاة والصدقة، أو بتحسين الصلاة ؛ لأجل رؤية الناس ، وذلك يطول، وهذا دليله . قاله ابن العربي .
ثم قال القرطبي :
ولا يكون الرجل مَُرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ، فمن حقّ الفرائض الإعلان بها وتشهيرها ؛ لأنها أعلام الإسلام ، وشعائر الدِّين ، ولأن تاركها يستحق الذمّ والْمَقْت ، فَوَجَب إماطة التهمة بالإظهار ، وإن كان تطوعا فَحَقّه أن يُخْفَى ، لأنه لا يلام تركه ولا تهمة فيه ، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا .
وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين ، فَتُثْنِي عليه بالصلاح . اهـ .
ولَقِي رَجُلٌ يحيى بن أكثم وهو يومئذ على قضاء القضاة فقال له : أصلح الله القاضي كم آكل ؟ قال : فوق الجوع ، ودون الشبع . قال : فكم أضحك ؟ قال : حتى يُسْفِر وَجهك ، ولا يعلوا صوتك . قال : فكم أبكي ؟قال : لا تمل البكاء مِن خشية الله . قال : فكم أُخْفِي مِن عَملي ؟ قال : ما استطعت . قال : فكم أظهر منه ؟ قال : ما يَقْتَدِي بك الحريص على الخير ، ويُؤمَن عليك قول الناس .
والله تعالى أعلم .