المكتبة والكتاب
الكتاب : صَديق مُشفِق وأخ ناصِح وجليس مُؤنس وواعِظ صامِت ودالّ على خير وقاطِع عن صُحبة الأشرار ..
ولذا قال المتنبي :
أعَزُّ مَكانٍ في الدُّنَى سَرْج سابحٍ وَخَيرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ
بالكتاب تُهذَّب الأخلاق وتسمو النفس وتزكو .
بِه يُتَشبَّه بالأخيار ويُصحب الأموات ويُؤخذ عنهم عِلمهم وأدبهم !
قال شقيق بن إبراهيم البلخي : قيل لابن المبارك : إذا صَلّيت معنا لِمَ لا تجلس معنا ؟ فقال : أذهب مع الصحابة والتابعين قلنا له : ومِن أين الصحابة والتابعون ؟ قال: أذهب أنظر في عِلمي فأدرك آثارهم وأعمالهم . فما أصنع معكم ؟ أنتم تغتابون الناس ! رواه أبو نُعيم في الحلية .
وقال أبو حنيفة : الحكايات عن العلماء أحب إليَّ مِن كثير مِن الفقه لأنها آداب القوم .
الكتاب أنيس لا يُمَلّ ، يَقطَع لك المفاوِز ، ويُقرّب لك البعيد ، ويأتيك بأخبار مَن مَضَوا دون كُلفة ولا مَشقّة .
قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته ، فيُقال له : تكثر الجلوس في بيتك ، ألا تستوحش ؟ فيقول : كيف أستوحش ، وأنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ؟ رواه البيهقي في " شُعب الإيمان " .
ومِن هنا : كانت فكرة إنشاء مكتبة المشكاة الإسلامية ؛ وذلك بُغية نشر الخير ، وبثّ العِلْم وإيصاله إلى الآفاق وإلى أماكن لا يُمكن أن يصِل إليها الكتاب إلاّ بِمَشقّة بالِغة وكُلفة عالية .
وكان إنشاء مكتبة المشكاة في وقت يشحّ ويَندر وُجود الكتاب الإلكتروني وما أن بدأت المكتبة تقوم على ساق حتى أوْرَقَت وأينعَتْ ومُدّت بِمداد مِن عِلْم مِن أقطار شتّى فكان يصلنا الكتاب بعد الكتاب ثم يُنظر فيها ويتم اختيار المناسب وتُرفع على الشبكة .
وقد وصلتنا رسائل مِن بِقاع شتّى : ما بين مُثْنٍ وداع ومُشِيد وشاكِر ، وبين ذَامّ وقادِح !
وبلغنا أن بعض الأخيار ينسخ كتبا مِن المكتبة على أقراص مضغوطة وتُوزّع لِطلبة العِلم .
وبلَغنا عن آخرين : التحذير مِن مكتبة المشكاة ومِن القائمين عليها !!
وهكذا الناس !!
قال مُطَرِّف بن عبد الله : قال لي مالك : ما يقول الناس فيَّ ؟ قلت : أما الصَّديق فَيُثْنِي وأما العدو فيقع .
فقال : ما زال الناس كذلك ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها .
وما قُلنا ذلك إلاّ ليُعلَم أننا بذلنا جُهدا في انتقاء الكُتب واستشارة أهل العِلْم والتخصص أحيانا في بعض الكِتب : هل تصلح للنشر أو لا ؟ لنشر ما يُمكن نشره وتلافي ما لا يصلح للنشر ولا نَزعم العِصمة ولا أننا سَلِمنا من الأخطاء .
وقد تَتَبايَن وجهات النظر حول الكتاب الواحد الذي فيه خير وشرّ وسُنّة وبِدعة فنجتهد حسب أقوال أهل العِلم وهل يُباع الكتاب في المكتبات أو لا ؟ وهل هو في مُتناول عامة الناس أو لا ؟!
إلاّ أننا نربأ بأنفسنا عن نَشر الكتب المرذولة الرديئة وكُتب الفلاسفة والملاحدة وما كان غثّها أكثر مِن سَمِينها ! فنطّرحها ولا نرى نشرها .
وبالله تعالى التوفيق .
ملاحظة مهمة: تجتهد إدارة شبكة مشكاة في مراعاة الملكية الفكرية للكتب، وربما يفوتنا شيء قليل، فإذا وجدتم رابطا فيه انتهاك لملكية فكرية فنرجو تبليغنا وسنزيله في أقرب وقت.