إذا نظرنا اليوم إلى مفهوم الفقه عند الخلف نجده في معظمه يطرق فقه عمل الجوارح لإتقانها ، ولعل السبب الأهم في ذلك يعود للنزاع والتنازع الفقهي الذي حصل بين غالب الفقهاء والصوفية قديما – ويمكن حديثا أيضا _ ، ففي القرون المفضلة لم يكن هناك تمييز يذكر بين عالم في فقه أعمال القلوب وعالم في فقه الشريعة ، ولم يظهر حينها مصطلح أهل المعرفة في مقابلة أهل الفقه ، وكان الفقيه عالم قلوب أيضا كالصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم كثير ، ثم مع انتشار التمذ هب الفقهي والتصوف ، صار يطلق على من يطلب العلم عند الفقهاء بالمتفقهة، ويطلق على من يطلب العلم عند المتصوفة بالمريدين ،وصار المتفقهة وغالب الفقهاء يهتمون بالإعمال الظاهرة والمتصوفة بالأعمال الباطنة - أعمال لقلوب -، ثم عجب كل فريق بما لديه فزهد كل فريق فيما عند الآخر، وحصلت بينهم عداوة وبغضاء .
وحتى يتضح مفهوم الفقه وأهمية إتقان عمل القلب وضرورة إعادة ترتيب فقه أولويات المدخلات الدعوية ، لتصحيح مفهوم الفقه ومساره بعد انحرافه ؛ فلابد من ذكر بعض الأقوال .